الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُواْ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةٞ مُّقۡتَصِدَةٞۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ سَآءَ مَا يَعۡمَلُونَ} (66)

قوله سبحانه : { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التوراة }[ المائدة :66 ] .

أي : أظهروا أحْكَامها ، فهي كإقامةِ السُّوق ، وإقامةِ الصَّلاةِ .

وقوله سبحانه : { والإنجيل } يقتضي دخُولَ النصارى في لفظُ أهْلِ الكتابِ ، في هذه الآية ، قلْتُ : وقال مكِّيٌّ معنى : { أَقَامُواْ التوراة والإنجيل } أيْ : عملوا بما فيهما ، وأقروا بصفة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وبنبوءته ، انتهى من «الهداية » .

قوله : { وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبِّهِمْ } معناه : مِنْ وحْيٍ وسُنَنٍ ، على ألْسِنَةِ الأنبياء عليهم السلام ، واختُلِفَ في معنى : { مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } فقال ابن عباس ، وغيره : المعنى لأعطتهم السماءُ مطَرها ، والأرض نباتَهَا بفَضْلِ اللَّه تعالى ، وقال الطبريُّ وغيره : إن الكلام استعارة ، ومبالغةٌ في التوسِعَةِ ، كما يقالِ : فُلاَنٌ قد عمَّهُ الخَيْرُ مِنْ قَرْنِهِ إلى قَدَمِهِ .

وقوله سبحانه : { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } معناه : معتدِلَةٌ ، والقَصْد والاقتصاد : الاعتدال ، والرفْقُ ، والتوسُّط الحَسَن في الأقوال والأفعال ، قال ابنُ زَيْد : وهؤلاءِ هُمْ أهْل طاعَةِ اللَّه من أهْل الكتاب .

قال( ع ) : وهذا هو الراجِحُ .