تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الإنسان

مكية ، عددها إحدى وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله :{ هل أتى على الإنسان } يعني قد أتى على الإنسان { حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا } آية يعني به آدم لا يذكر ، وذلك أن الله خلق السماوات وأهلها ، والأرض وما فيها من الجن قبل أن يخلق آدم ، عليه السلام ، بواحد وعشرين ألف سنة ، وهي ثلاثة أسباع ، فكانوا لا يعرفون آدم ، ولا يذكرونه ، وكان سكان الأرض من الجن زمانا ودهرا ، ثم إنهم عصوا الله تعالى وضر بعضهم بعضا ، فأرسل الله عليهم قبيلة من الملائكة ، يقال لهم : الجن وإبليس فيهم ، وكان اسم إبليس الحارث ، أرسلهم الله على الجن ، فطردوهم حتى أخرجوهم من الأرض إلى الظلمة خلف الحجاب ، وهو جبل تغيب الشمس خلفه ، وفي أصله ، وفيما بين ذلك الجبل وبين جبل قاف مسيرة سنة كلها ظلمة ومائ قائم ، ثم إن إبليس وجنده طهروا الأرض وعبدوه زمانا ، فما أراد الله تعالى أن يخلق آدم ، صلى الله عليه ، أوحى إليهم أني جاعل في الأرض خليفة يعبدونني ، ويطهرون الأرض ، فردوا إلى الله قوله ، وإبليس منهم : فقالوا : ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ، يعني من يعصي فيها ، ويسفك الدماء ، كفعل الجن ، لا أنهم علموا الغيب ، ولكن قالوا ما عرفوا عن الجن الذين عصوا ربهم ، وقالوا : نحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، يعنى ونطهر لك الأرض ، فأوحى الله إليهم أنى أعلم ما لا تعملون ، ثم إن الله تبارك وتعالى ، قال : يا جبريل ائتني بطنين فهبط جبريل ، عليه السلام ، إلى الأرض فأخذ ترابا من تحت الكعبة وهو أديم الأرض وصب عليه الماء ، فتركه زمانا ، حتى أنتن الطين فصار فوقها طين حر ، وأسفلها حمأة .

حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :" ما كان من الحر منها فهم أصحاب اليمين ، وما كان من الحمأة فهم من أصحاب الشمال" ، وذلك أن امرأ القيس بن عابس الكتمي ، ومالك بن الضيف اليهودي اختصما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر آدم ، عليه السلام ، وخلقه ، فقال مالك بن الضيف : إنما نجد في التوراة أن الله خلق آدم حين خلق السماوات والأرض ، فأنزل الله عز وجل يكذب مالك بن الضيف اليهودي :

فقال :{ هل أتى على الإنسان حين من الدهر } يعني واحدا وعشرين ألف سنة ، وهي ثلاثة أسباع ، بعد خلق السماوات والأرض { لم يكن شيئا مذكورا } يذكر ،