الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإِنسان بمكة .

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : أنزلت بمكة سورة { هل أتى على الإِنسان } .

وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإِنسان بالمدينة .

وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر قال : «جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل واستفهم ، فقال : يا رسول الله فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوّة أفرأيت إن آمنت به ، وعملت بمثل ما عملت به إني لكائن معك في الجنة ؟ قال : نعم ، والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ، ثم قال : من قال لا إله إلا الله كان له عهد عند الله ، ومن قال : سبحان الله وبحمده كتبت له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة ، ونزلت عليه هذه السورة { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } إلى قوله : { ملكاً كبيراً } فقال الحبشي : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ؟ قال : نعم ، فاشتكى حتى فاضت نفسه . قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده » .

وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن مطرف قال : حدثني الثقة أن رجلاً أسود كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن التسبيح والتهليل ، فقال له عمر بن الخطاب : مه أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مه يا عمر ، وأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } حتى إذا أتى على ذكر الجنة زفر الأسود زفرة خرجت نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مات شوقاً إلى الجنة .

وأخرج ابن وهب عن ابن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه السورة { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود ، فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أخرج نفس صاحبكم الشوق إلى الجنة » .

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ذر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } حتى ختمها ثم قال : «إني أرى ما لا ترون ، واسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء ، وحق له أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا ملك واضع جبهته ساجداً لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، لخرجتم إلى الصعدات تجارون » .

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } قال : الإِنسان أتى عليه حين من الدهر { لم يكن شيئاً مذكوراً } قال : إنما خلق الإِنسان ههنا حديثاً ما يعلم من خليقة الله خليقة كانت بعد إلا هذا الإِنسان .

وأخرج ابن المبارك وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه سمع رجلاً يقرأ { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } فقال عمر : ليتها تمت .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود أنه سمع رجلاً يتلو هذه الآية { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } فقال ابن مسعود : يا ليتها تمت فعوتب في قوله هذا ، فأخذ عوداً من الأرض فقال : يا ليتني كنت مثل هذا .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر } قال : إن آدم آخر ما خلق من الخلق .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { هل أتى على الإِنسان } قال : كل إنسان .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن من الحين حيناً لا يدرك . قال الله : { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } والله ما يدري كم أتى عليه حتى خلقه الله .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه تلا هذه الآية { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } قال : أي وعزتك يا رب فجعلته سميعاً بصيراً وحياً وميتاً .