لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

وتسمى سورة الإنسان أيضا وهي مدنية كذا قال مجاهد ، وقتادة والجمهور ، وقيل مكية يحكى ذلك عن ابن عباس وعطاء بن يسار ومقاتل ، وقيل فيها مكي ومدني ، فالمكي منها قوله{ ولا تطع منهم آثما أو كفورا } وباقيها مدني قاله الحسن وعكرمة وقيل إن المدني من أولها إلى قوله تعالى :{ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا } ومن هذه الآية إلى آخرها مكي حكته الماوردي وهي إحدى وثلاثون آية ومائتان وأربعون كلمة وألف وأربعة وخمسون حرفا .

قوله عز وجل : { هل أتى } أي قد أتى { على الإنسان } يعني آدم عليه الصلاة والسلام { حين من الدهر } يعني مدة أربعين سنة وهو من طين ملقى ( م ) عن أنس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطوف به وينظر إليه فلما رآه أجوف عرف أنه خلف لا يتمالك " قوله يطوف أي يدور حوله فلما رآه أجوف أي صاحب جوف وقيل هو الذي داخله خال قوله عرف أنه خلق لا يتمالك ، أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات ، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه ، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب .

وروي في تفسير الآية أن آدم بقي أربعين سنة طيناً ، وبقي أربعين سنة حمأ مسنوناً وأربعين سنة صلصالاً كالفخار فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة { لم يكن شيئاً مذكوراً } أي لا يذكر ولا يعرف ولا يدري ما اسمه ، ولا ما يراد به وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح كان شيئاً ولم يكن شيئاَ يذكر .

روي عن عمر أنه سمع رجلاً يقرأ هذه الآية : لم يكن شيئاً مذكوراً فقال عمر ليتها تمت يعني ليته بقي على ما كان عليه ويروى نحوه عن أبي بكر وابن مسعود ، وقيل المراد بالإنسان جنس الإنسان وهم بنو آدم .