«وما » في قوله : { فَبِمَا رَحْمَةٍ منَ الله } مزيدة للتأكيد ، قاله سيبويه وغيره ، وقال ابن كيسان : إنها نكرة في موضع جرّ بالباء ، ورحمة بدل منها ، والأوّل أولى بقواعد العربية ، ومثله قوله تعالى :
{ فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم } [ النساء : 155 ] والجار والمجرور متعلق بقوله : { لِنتَ لَهُمْ } وقدّم عليه لإفادة القصر ، وتنوين رحمة للتعظيم ، والمعنى : أن لينه لهم ما كان إلا بسبب الرحمة العظيمة منه . وقيل : إن " ما " استفهامية ، والمعنى : فبأيّ رحمة من الله لنت لهم ، وفيه معنى التعجب ، وهو بعيد ، ولو كان كذلك لحذف الألف من " ما " . وقيل : فبم رحمة من الله . والفظّ : الغليظ الجافي . وقال الراغب : الفظّ هو : الكريه الخلق ، وأصله فظظ كحذر . وغلظ القلب : قساوته ، وقلة إشفاقه ، وعدم انفعاله للخير . والانفضاض : التفرّق ، يقال : فضضتهم ، فانفضوا ، أي : فرّقتهم ، فتفرّقوا والمعنى : لو كنت فظاً غليظ القلب لا ترفق بهم لتفرّقوا من حولك هيبة لك ، واحتشاماً منك بسبب ما كان من توليهم ، وإذا كان الأمر ، كما ذكر : { فاعف عَنْهُمْ } فيما يتعلق بك من الحقوق : { واستغفر لَهُمُ } الله سبحانه فيما هو إلى الله سبحانه { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر } أي : الذي يرد عليك ، أيّ : أمر كان مما يشاور في مثله ، أو في أمر الحرب خاصة ، كما يفيده السياق لما في ذلك من تطييب خواطرهم ، واستجلاب مودّتهم ، ولتعريف الأمة بمشروعية ذلك حتى لا يأنف منه أحد بعدك . والمراد هنا : المشاورة في غير الأمور التي يرد الشرع بها . قال أهل اللغة : الاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة ، وشورتها : إذا علمت خبرها ، وقيل : من قولهم : شرت العسل : إذا أخذته من موضعه . قال ابن خوز منداد : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون ، وفيما أشكل عليهم من أمور الدنيا ، ومشاورة وجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ، ووجوه الناس ، فيما يتعلق بالمصالح ، ووجوه الكتاب ، والعمال ، والوزراء فيما يتعلق بمصالح البلاد ، وعمارتها . وحكى القرطبي عن ابن عطية : أنه لا خلاف في وجوب عزل من لا يستشير أهل العلم والدين .
قوله : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله } أي : إذا عزمت عقب المشاورة على شيء ، واطمأنت به نفسك ، فتوكل على الله في فعل ذلك ، أي : اعتمد عليه ، وفوّض إليه ؛ وقيل : إن المعنى : فإذا عزمت على أمر أن تمضي فيه ، فتوكل على الله لا على المشاورة . والعزم في الأصل : قصد الإمضاء ، أي : فإذا قصدت إمضاء أمر ، فتوكل على الله . وقرأ جعفر الصادق ، وجابر بن زيد : «فإذا عزمت » بضم التاء بنسبة العزم إلى الله تعالى ، أي : فإذا عزمت لك على شيء ، وأرشدتك إليه ، فتوكل على الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.