اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ} (159)

في " ما " وجهان : أحدهما : أنها زائدة للتوكيد ، والدلالة على أن لِينَهُ لَهُمْ ما كان إلا برحمة من اللَّهِ ، نظيره قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ } [ المائدة : 13 ] وقوله :{ عَمَّا قَلِيلٍ }

[ المؤمنون : 40 ] وقوله :{ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ } [ ص : 11 ] وقوله :{ مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ }

[ نوح : 25 ] . والعربُ قد تريد في الكلام - للتأكيد - ما يستغنى عنه ، قال تعالى :

{ فَلَمَّآ أَن جَآءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ } [ يوسف : 96 ] فزاد " أن " للتأكيد .

وقال المحققون : دخول اللفظ المهمل الوضع في كلام أحكم الحاكمين - غيرُ جائزٍ ، بل تكون غير مزيدة ، وإنما هي نكرة ، وفيها وجهان :

الأول : أنها موصوفة ب " رَحْمَةٍ " أي : فبشيء رحمة .

الثاني : أنها غير موصوفة ، و " رَحْمَةٍ " بدل منها ، نقله مكيٌّ عن ابن كَيْسَان .

ونقل أبو البقاءِ عن الأخفش وغيره : أنها نكرة موصوفة ، " رَحْمَةٍ " بدل منها ، كأنه أبهم ، ثم بين بالإبدال .

وقال ابن الخطيب : " يجوز أن تكون " مَا " استفهاماً للتعجب ، تقديره : فبأي رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وذلك ؛ لأن جنايتهم لما كانت عظيمة - ثم إنه ما أظهر - البتة - تغليظاً في القول ، ولا خشونة في الكلام - علموا أن هذا لا يتأتى إلا بتأييد ربانيٍّ وتسديدٍ إلهيٍّ فكان ذلك موضع التعجب " .

ورد عليه أبو حيّان بأنه لا يخلو إما أن يجعل " ما " مضافة إلى " رَحْمَةٍ " - وهو ظاهر تقديره - فيلزم إضافة " ما " الاستفهامية ، وقد نصوا على أنه لا يضاف من أسماء الاستفهام إلا " أي " اتفاقاً و " كم " عند الزَّجَّاج - وإما أن لا يجعلها مضافة ، فتكون " رَحْمَةٍ " بدلاً منها ، وحينئذٍ يلزم إعادة حرف الاستفهام في البدل - كما قرره النحويون . ثم قال : " وهذا الرجلُ لحظ المعنى ، ولم يلتفت إلى ما تقرر في علم النحو من أحكام الألفاظ ، وكان يغنيه عن هذا الارتباك ، والتسلق إلى ما لا يحسنه والتصوُّر عليه قول الزجاج - في " ما " هذه : إنها صلة ، فيها معنى التأكيدِ بإجماع النحويينَ .

وليس لقائل أن يقولَ : له أن يجعلها غير مضافةٍ ، ولا يجعل " رَحْمَةٍ " بدلاً - حتى يلزم إعادة حرف الاستفهام - بل يجعلها صفة ، لأن " ما " الاستفهامية لا توصف وكأن من يدعي فيها أنها غير مزيدة يفر من هذه العبارة في كلام الله تعالى ، وإليه ذهب أبو بكر الزبيديُّ ، فكان لا يُجَوِّزُ أن يقال - في القرآن - : هذا زائد أصلاً .

وهذا فيه نظرٌ ؛ لأن القائلين يكون هذا زائداً لا يَعْنون أنه يجوز سقوطه ، ولا أنه مُهْمَل لا معنى له بل يقولون : زائدٌ للتوكيدِ ، فله أسوةٌ بشائرِ ألفاظِ التوكيدِ الواقعة في القرآن .

و " ما " كما تُزاد بين الباء ومجرورها ، تزاد أيضاً بين " من " و " عَنْ " والكاف ومجرورها .

قال مكيٌّ : " ويجوز رفع " رحمة " على أن تجعل " ما " بمعنى الذي ، وتضمر " هُوَ " في الصلة وتحذفها ، كما قرئ : { تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ } .

فقوله : ويجوزُ يعني من حيث الصناعةِ ، وأما كونها قراءة ، فلا نحفظها .

فصل

الليْنُ : الرفق . ومعنى الكلام . فبرحمة من الله لنت لهم ، أي : سهلت لهم أخلاقك ، وكثر احتمالك ، ولم تسرع إليهم فيما كان منهم يوم أُحُدٍ . واحتجوا - بهذه الآية - على مسألة القضاء والقدر ، لأن اللهَ بين أن حسن الخلق إنما كان بسبب رحمة الله تعالى .

قوله : { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } الفظاظةُ : الجفوة في المعاشرة قولاً وفعلاً ، قال الشَّاعرُ : [ البسيط ]

أخْشَى فَظَاظَةَ عَمٍّ ، أوْ جَفَاءَ أخ *** وَكُنْتُ أخْشَى عَلَيْهَا مِنْ أذَى الْكَلم{[6136]}

والغلظُ : كبر الأجرام ، ثم تجوز به في عدم الشفقة ، وكثرة القسوةِ في القلب .

قال الشاعرُ : [ البسيط ]

يُبْكَى عَلَيْنَا وَلاَ نَبْكِي عَلَى أحَدٍ *** ونَحْنُ أغْلَظُ أكْبَاداً مِنَ الإبِلِ{[6137]}

وقال الراغبُ{[6138]} : الفَظَّ : هو الكريه الخُلُق ، وقال الواحديُّ : الفَظُّ : الغليظُ الجانبِ ، السيِّىء الخُلُق وهو مستعارٌ من الفَظِّ ، وهو ماء الكرش ، وهو مكروهٌ شُربه إلا في ضرورة .

وقال الراغبُ{[6139]} : الغِلَظ : ضد الرِّقَّةِ ، ويقال : غلظ بالكسر والضم وعن الغِلْظة تنشأ الفظاظة .

فإن قيل : إذا كانت الفظاظةُ تنشأُ عن الغلظة ، فلم قُدَّمَتْ عَلِيْهَا ؟

فالجوابُ : قُدِّم ما هو ظاهر للحس على ما خافٍ في القلب ؛ لأن الفظاظة : الجفوة في العِشْرة قولاً وفعلاً - كما تقدم - والغلظة : قساوة القلب ، وهذا أحسن من قول من جعلهما بمعنى ، وجمع بينهما تأكيداً . وأما الانفضاض والغضّ فهو تفرُّق الأجزاء وانتشارها . ومنه فضَّ ختم الكتاب ، ثم استُعِير منه انفضاض الناس ، قال تعالى :

{ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] ومنه يقال : لا يفضض اللهُ فاك .

فصل في معنى الآية

ومعنى الكلامِ : لو كنتَ جافياً ، سَيِّىء الخُلُقِ ، قليل الاحتمالِ .

وقال الكلبيُّ : فظاً في القول ، غليظ القلبِ في الفعلِ ، لانفضوا من حولك تفرَّقوا عنك وذلك أن المقصود من البعثة أن يبلِّغ الرسولُ تكاليفَ اللَّهِ تعالى إلى الخَلْق ، وذلك لا يتم إلا بميل قلوبهم إليه ، وسكون نفوسهم لديه ، وهذا المقصودُ لا يتم إلا إذا كان رحيماً بهم ، كريماً ، يتجاوز عن ذنوبهم ، ويعفو عن سيئاتهم ، ويخصهم بالبرِّ والشفقة ، فلهذه الأسباب وجب أن يكون الرسولُ مُبَرَّءاً عن سوء الخلق ، وغِلْظة القلبِ ، ويكون كثير الميلِ إلى إعانة الضعفاء ، وكثير القيام بإعانة الفقراء .

وحمل القفَّالُ هذه الايةَ على واقعة أُحُد ، فقال : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } يوم أُحُد ، حين عادُوا إليك يعد الانهزام { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ } فشَافَهْتَهُمْ بالملامة على ذلك الانهزام { لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } هيبة منك وحياءً ، بسبب ما كان منهم من الانهزام ، فكان ذلك مما يُطْمِع العدو فيك وفيهم .

قوله : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } جاء على أحسن النسق ، وذلك أنه - أولاً - أُمِر بالعفو عنهم فيما يتعلق بخاصَّةِ نفسه ، فإذا انتهَوْا إلى هذا المقام أمر أن يستغفرَ لهم ما بينهم وبين الله تعالى ، لتنزاح عنهم التبعاتُ ، فلما صاروا إلى هنا أُمِرَ بأن يشاورهم في الأمرِ إذا صاروا خالصين من التبعتين ، مُصَفَّيْنَ منهما .

والأمرُ هنا - وإن كان عاماً - المراد به الخصوص . قال أبو البقاء : الأمر - هنا - جنس ، وهو عامٌّ يراد به الخاصُّ ؛ لأنه لم يُؤمَر بمشاورتهم في الفرائض ، ولذلك قرأ ابن عباسٍ{[6140]} : في بعض الأمر وهذا تفسيرٌ لا تلاوةٌ .

فصل

ظاهر الأمر الوجوب ، و " الفاء " في قوله : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } تدل على التعقيب ، وهذا يدل على أنه - تعالى - أوجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم في الحال ، ولما آل الأمرُ إلى الأمة لم يوجبه عليهم ، بل ندبهم إليه ، فقال :

{ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }

[ آل عمران : 134 ] وقوله : { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } يدل على دلالة قوية على أنه - تعالى - يعفو عن أصحاب الكبائر ، لأن الانهزام في وقت المحاربة كبيرة ، لقوله تعالى :

{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [ الأنفال : 16 ] وقوله صلى الله عليه وسلم حين عد الكبائر- : " والتولي يوم الزحف " وإذا ثبت أنه كبيرة ، فالله تعالى - حضّ - في هذه الآية - على العفو عنهم ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستفغار لهم ، وإذا أمره بالاستغفار لهم لا يجوز أن لا يجيبه إليه ؛ لأن ذلك لا يليق بالكريم ، وإذا دلت الآية على أنه - تعالى - شفع محمداً في أصحاب الكبائر في الدنيا فلأن يشفعه يوم القيامة كان أولى .

قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } يقال شاورهم مشاورة وشِوَاراً وَمَشُورة ، والقوم شورى ، وهي مصدر ، سمي القوم بها ، كقوله : { وَإِذْ هُمْ نَجْوَى } [ الإسراء : 47 ] قيل : المشاورة : مأخوذة من قولهم : شُرتُ العسل ، أشورُه : إذا أخذته من موضعه واستخرجته .

وقيل : مأخوذة من قولهم : شرت الدابّة ، شوراً - إذا عرضتها والمكان الذي يعرض فيه الدوابّ يسمى مشواراً ، كأنه بالعرض - يعلم خيره وشره ، فكذلك بالمشاورة يعلم خير الأمور وشرها .

الفائدة في أمر اللَّهِ لرسوله بالمشاورة من وجوه :

الأول : أن مشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم توجب علو شأنهم ، ورفعة درجتهم ، وذلك يقتضي شدة محبتهم له ، فلو لم يفعل ذلك لكان ذلك إهانة بهم ، فيحصل سوء الخلقِ والفظاظة .

الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان أكملَ الناس عقلاً ، إلا أن [ عقول ]{[6141]} الخلق غير متناهية ، فقد يخطر ببال إنسانٍ من وجوه المصالح - ما لا يخطر ببال آخرَ ، لا سيما فيما يتعلق بأمور الدنيا ، قال : " أَنتم أعرف بأمور دنياكم " ولهذا السبب قال :

ما تشاور قوم قط إلا هُدُوا لأرشد أمورهم " {[6142]} .

الثالث : قال الحسنُ وسفيانُ بن عيينة إنما أمر بذلك ليقتدي به غيره في المشاورة ويصير ذلك سنة في أمته{[6143]} .

الرابع : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم شاورهم في واقعة أُحُد ، فأشاروا عليه بالخروج ، وكان ميله إلى ألا يخرج ، فلما خرج وقع ما وقع ، فلو ترك مشاورتهم بعد ذلك لكان ذلك يدل على أنه بقي في قلبه منهم - بسبب مشاورتهم - بقية أثرٍ ، فأمره الله - تعالى - بمشاورتهم بعد تلك الواقعةِ ، ليدل على أنه لم يَبْقَ في قلبه أثرٌ من تلك الواقعة .

الخامس : أنه صلى الله عليه وسلم أمر بمشاورتهم ، لا ليستفيد منهم رأياً وعِلْماً ، بل ليعلم مقادير عقولهم ، ومحبتهم له .

وقيل : أمر بالمشاورة [ ليعلم ]{[6144]} مقدار عقولهم وعلمهم ، فينزلهم منازلهم على قدر عقولهم وعلمهم . وذكروا - أيضاً - وُجُوهاً أُخَرَ ، وهذا كافٍ .

فصل

اتفقوا على أنَّ كلَّ ما نزل فيه وحي من عند الله لم يجز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يشاورَ الأمةَ فيه ، لأن النصَّ إذا جاء بطل الرأي والقياس ، أما ما لا نَصَّ فيه ، فهل يجوز المشاورةُ فيه في جميع الأشياء ، أم لا ؟ قال الكلبيُّ وأكثر العلماء : الأمر بالمشاورة إنما هو في الحروبِ ، قالوا : لأن الألف واللام - في لفظ " الأمر " ليسا للاستغراق ؛ لما بينَّا أن الذي نزل فيه الوحي لا تجوز المشاورة فيه ، فوجب حمل الألف واللام - هنا - على المعهود السابق ، والمعهودُ السابقُ في هذه الآية ما يتعلق بالحرب ولقاء العدو ، فكان قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } مختصاً بذلك وقد أشار الحُبابُ بنُ المنذر يوم أُحُدٍ - على النبي بالنزول على الماء ، فقبل منه . وأشار عليه السعدان - سعد بنُ معاذٍ وسعد بن عبادةَ - يوم الخندق بترك مصالحة غطفان على بعض ثمار المدينة لينصرفوا ، فقبل منهما ، وخرق الصحيفةُ .

وقال بعضهم : اللفظ عام ، خص منه ما نزل فيه وحيٌ ، فتبقى حجته في الباقي .

قال بعضهم : هذه الآية تدل على أن القياسَ حُجَّةٌ .

فصل

روى الواحديُّ في " البسيط " عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قال : الذي أمر النبي بمشاورته في هذه الآية أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما{[6145]} - واستشكلته ابن الخطيب ، قال : " وعندي فيه إشكالٌ ؛ لأن الذين أمرَ اللَّهُ رسولَه بمشاورتهم في هذه الآية هم الذين أمره بأن يعفو عنهم ويستغفر لهم - وهم المنهزمون - فَهَبْ أن عمر كان من المنهزمين فدخل تحت الآيةِ إلا أن أبا بكر ما كان منهم ، فكيف يدخل تحت هذه الآية ؟ " .

قوله : { فَإِذَا عَزَمْتَ } الجمهورُ على فتح التاءِ ؛ خطاباً له صلى الله عليه وسلم وقرأ عكرمة وجعفر الصادق - ورُويت عن جابر بن زيد - بضَمِّها{[6146]} . على أنها لله تعالى ، على معنى : فإذا أرشدتك إليه ، وجعلتك تقصده .

وجاء قوله : { عَلَى اللَّهِ } من الالتفات ؛ إذ لو جاء على نسقِ هذا الكلام لقيل : فتوكل عليَّ .

فقد نُسِب العزمُ إليه تعالى في قول أم سلمة : " ثم عزم الله لي " وذلك على سبيل المجاز .

فصل

معنى الكلامِ : فإذا عزمتَ على اللهِ لا على مشاورتهم ، أي : قم بأمر اللهِ ، وثق به ، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } وهذا جارٍ مجرى العلةِ الباعثةِ على التوكُّل عند الأخذ في كل الأمورِ ، وهذه الآية تدل على أنه ليس التوكُّلُ أن يُهْمِل نفسه - كقول بعض الجُهَّال - وإلا لكان الأمرُ بالمشاورة منافياً [ للأمر بالتوكل ] ، بل التوكلُ هو أن يراعيَ الإنسانُ الأسبابَ الظاهرةَ ، ولكن لا يعوِّل بقلبه عليها ، بل يعوِّل على عصمة الحقِّ .

فصل

التوكلُ : الاعتماد على الله تعالى مع إظهار العجزِ ، والاسم : التُّكْلان ، يقال منه : اتكلت عليه في أمري وأصله ، اوتَكَلْتُ ، قُلِبت الواو ياء ، لانكسار ما قبلها ، ثم أُبْدِلت منها التاء ، وأدغمت في تاء الافتعال ، ويقال : وكَّلْته بأمري توكيلاً ، والاسم : الوكَالة - بكسر الواو وفتحها - .


[6136]:البيت لإسحاق بن خلف. ينظر ديوان الحماسة 1/165 والبحر 3/88 والدر المصون 2/46.
[6137]:ينظر البيت في تفسير القرطبي 4/248 والبحر 3/88 والدر المصون 2/246.
[6138]:ينظر: المفردات 396.
[6139]:المفردات 376.
[6140]:ينظر: البحر المحيط 3/105، والدر المصون 2/246.
[6141]:في ب: علوم.
[6142]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/244) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/159) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن مرفوعا.
[6143]:ذكره الرازي في "التفسير الكبير" (9/54) عن الحسن وسفيان بن عيينة.
[6144]:في أ: ليعرف.
[6145]:انظر الدر المنثور (2/159).
[6146]:وقرأ بها أبو نهيك. انظر: المحرر الوجيز 1/534، والبحر المحيط 3/105، والدر المصون 2/246.