بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا} (1)

قول الله سبحانه وتعالى : { تبارك } قال ابن عباس رضي الله عنه يعني : تعالى وتعظم . قال ابن عباس : ويقال : تفاعل من البركة ، وهذه لفظة مخصوصة ، ولا يقال : يتبارك ، كما يقال يتعالى . ولا يقال : متبارك ، كما يقال متعالٍ . ويقال تبارك أي ذو بركة . والبركة هي كثرة الخير . ويقال : أصله من بروك الإبل . ويقال للواحد بارك ، وللجماعة برك . وكان الإنسان إذا كان له إبل كثيرة وقد برك هو على الباب يقولون : فلان ذو بركة ، ويقولون للذي كان له إبل تحمل إليه الأموال من بلاد بعيدة : فلان ذو بركة ، فصار ذلك أصلاً ، حتى أنه لو كان له مال سوى الإبل لا يقال فلان ذو بركة . قال الله تعالى : { تبارك } أي ذو البركة . ويقال : أصله من الدوام . ويقال : بارك في موضوع إذا دام فيه . ويقال : معناه البركة في اسمه وفي الذي ذكر عليه اسمه .

ثم قال : { الذى نَزَّلَ الفرقان } يعني : أنزل جبريل عليه السلام بالقرآن والفرقان هو المخرج من الشبهات { على عَبْدِهِ } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم { لِيَكُونَ للعالمين نَذِيراً } يعني : ليكون الفرقان نذيراً للإنس والجن . ويقال : يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ويقال يعني : الله تبارك وتعالى وأراد ها هنا جميع الخلق ، وقد يذكر العام ويراد به الخاص من الناس ، كقوله عزّ وجل : { يابنى إسراءيل اذكروا نِعْمَتِىَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين } [ البقرة : 47و122 ] أي : على عالمي زمانهم ، ويذكر ويراد به جميع الخلائق ، كقوله : { الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } [ الفاتحة : 2 ]