{ تَبَارَكَ الذي نَزَّلَ الفرقان } البركةُ النَّماءُ والزِّيادةُ حسيَّةً كانتْ أو معنويَّةً ، وكثرةُ الخيرِ ودوامُه أيضاً ونسبتُها إلى الله عزَّ وجلَّ على المَعْنى الأوَّل وهُو الأليقُ بالمقام باعتبار تعاليهِ عمَّا سواهُ في ذاته وصفاتِه وأفعالِه التي منْ جُمْلتها تنزيلُ القُرآنِ الكريمِ المُعجزِ النَّاطقِ بعلُوِّ شأنِه تعالى وسموِّ صفاتِه وابتناءِ أفعالِه على أساس الحِكَمِ والمصالحِ وخلوِّها عن شائبة الخَلَلِ بالكُلِّيةِ . وصيغةُ التَّفاعلُ للمبالغةِ فيما ذُكر فإنَّ ما لا يُتصوَّرُ نسبتُه إليهِ سبحانَهُ حقيقةً من الصِّيغ كالتَّكبر ونحوِه لا تُنسب إليه تعالى إلا باعتبار غايتِها . وعلى المعنى الثَّاني باعتبار كثرةِ ما يفيضُ منه على مخلوقاته لاسيما على الإنسان من فُنون الخيراتِ التي من جُملتها تنزيلُ القُرآن المنطويِ على جميع الخيراتِ الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ . والصِّيغةُ حينئذٍ يجوزُ أنْ تكونَ لإفادة نماءِ تلك الخيراتِ وتزايدها شيئاً فشيئاً وآناً فآناً بحسب حدوثِها أو حدوثِ متعلَّقاتِها . ولاستقلالِها بالدِّلالة على غايةِ الكمالِ وتحقُّقِها بالفعلِ والإشعارِ بالتَّعجُّبِ المناسبِ للإنشاءِ والإنباءِ عن نهاية التَّعظيمِ لم يجُز استعمالُها في حقِّ غيرِه تعالى ولا استعمالُ غيرِها من الصِّيغِ في حقِّه تعالى ، والفُرقان مصدرُ فرقَ بينَ الشَّيئينِ أي فصَل بينهُما سمِّيَ به القرآنُ لغاية فرقِه بين الحقِّ والباطلِ بأحكامه أو بينَ المُحقِّ والمبطلِ بإعجازِه أو لكونه مفصولاً بعضِه من بعضٍ في نفسه أو في إنزاله { على عَبْدِهِ } محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وإيرادُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بذلك العُنوانِ لتشريفه والإيذانِ بكونِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في أقصى مراتب العُبوديَّةِ والتنبيهِ على أنَّ الرَّسولَ لا يكونُ إلا عبداً للمرسِل ردًّا على النَّصارى { لِيَكُونَ } غايةٌ للتَّنزيل أي نزَّله عليه ليكونَ هو عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أو الفرقانُ { للعالمين } من الثَّقلينِ { نَذِيراً } أيْ مُنذراً أو إنذاراً مبالغةً أو ليكون تنزيلُه إنذاراً وعدمُ التَّعرضِ للتَّبشير لانسياق الكلامِ على أحوالِ الكَفَرةِ . وتقديمُ اللامِ على عاملِها لمراعاةِ الفواصلِ ، وإبرازُ تنزيل الفرقانِ في معرض الصِّلةِ التي حقُّها أن تكونَ معلومةَ الثُّبوت للموصولِ عند السَّامعِ مع إنكار الكَفَرةِ له لإجرائِه مُجرى المعلومِ المسلَّمِ تنبيهاً على كمال قُوَّةِ دلائلِه وكونِه بحيثُ لا يكادُ يجهلُه أحدٌ كقوله تعالى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.