محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

25 – سورة الفرقان

الجمهور على أنها مكية . وعن الضحاك : مدنية . وعن بعضهم : مكية إلا ثلاث آيات {[1]} : { والذين لا يدعون } إلى { رحيما } .

قال المهايمي : سميت بالفرقان لاشتمالها على أنه ظهر كثرة خيرات الحق بالفرقان ، الذي هو التمييز بين الحق والباطل . والأظهر أنه لذكره فيها بمعانيه الآتية المتسع لها اللفظ لا خصوص ما ذكره ، وآياتها سبع وسبعون .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } .

يحمد تعالى نفسه الكريمة ويثني عليها ، لما أنزله من الفرقان ، كما قال {[5881]} : { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات } الآية .

قال الزمخشري : ( البركة ) كثرة الخير وزيادته . ومنها ( تبارك الله ) وفيه معنيان : تزايد عن كل شيء وتعالى عنه ، في صفاته وأفعاله . و { الفرقان } مصدر فرق بين الشيئين ، إذا فصل بينهما . وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل . أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ، ولكن مفروقا مفصلا بعضه عن بعض في الإنزال .

ألا ترى إلى قوله {[5882]} : { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا } انتهى .

قال الناصر : والأظهر ها هنا هو المعنى الثاني . لأن في أثناء السورة بعد آيات {[5883]} : { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } قال الله تعالى : { كذلك } أي أنزلناه مفرقا كذلك { لنثبت به فؤادك } فيكون وصفه بالفرقان في أول السورة – والله أعلم - . كالمقدمة والتوطئة لما يأتي بعد . انتهى .

قال أبو السعود : وإيراده عليه الصلاة والسلام بذلك العنوان ، لتشريفه والإيذان بكونه في أقصى مراتب العبودية ، والتنبيه على أن الرسول لا يكون إلا عبدا للمرسل ؛ ردا على النصارى ، والكناية في { ليكون } للعبد أو للفرقان . و ( النذير ) صفة بمعنى منذر ، أو مصدر بمعنى الإنذار ، كالنكر مبالغة .


[1]:(4 النساء 15 و 16).
[5881]:(18 الكهف 1 و 2).
[5882]:(17 الإسراء 106).
[5883]:(25 الفرقان 32).