التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأنعام

مكية إلا الآيات 20 و 23 و 91 و 93 و 114 و 141 و 151 و 152 و 153 فمدنية وآياتها 165 نزلت بعد الحجر .

قال كعب أول الأنعام هو أول التوراة .

{ وجعل الظلمات والنور } جعل هنا بمعنى خلق والظلمات الليل والنور النهار والضوء الذي في الشمس والقمر وغيرهما ، وإنما أفرد النور لأنه أراد الجنس وفي الآية رد على المجوس في عبادتهم للنار وغيرها من الأنوار وقولهم إن الخير من النور والشر من الظلمة ؛ فإن المخلوق لا يكون إلها ولا فاعلا لشيء من الحوادث .

{ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } أي يسوون ويمثلون من قولك عدلت فلانا بفلان إذا جعلته نظيره وقرينه ودخلت ثم لتدل على استبعاد أن يعدلوا بربهم بعد وضوح آياته في خلق السماوات والأرض والظلمات والنور وكذلك قوله ثم أنتم تمترون استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه أحياهم وأماتهم ، وفي ضمن ذلك تعجب من فعلهم وتوبيخ لهم و{ الذين كفروا } هنا عام في كل مشرك ، وقد يختص بالمجوس بدليل { الظلمات والنور } وبعبدة الأصنام ، لأنهم المجاورون للنبي صلى الله عليه وسلم وعليهم يقع الرد في أكثر القرآن .