التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأنعام

في السورة فصول ومشاهد متنوعة عما كان يقع بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار من المناظرات . وقد حكي فيها تعجيزهم وما كان يلهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من هم وغم من جرائها . وفيها تنديدات وإنذارات قاصمة للكفار وبخاصة لزعمائهم على موقف المكابرة والعناد التي يقفونها والأدوار الخبيثة التي كانوا يقومون بها . واستشهاد الذين أوتوا الكتاب على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلة القرآن بالله وشهادتهم بذلك . وفيها تقريرات عديدة عن عظمة الله تعالى وقدرته وشمول حكمه وبديع نواميس كونه . وفيها فصول وصور عن عقائد العرب ونذورهم وتقاليدهم في الأنعام والحرث وقتل الأولاد والذبائح ، وحجاج في صددها بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين الكفار ، وفيها مجموعة رائعة من الوصايا في التوحيد ومكارم الأخلاق وحملة على الذين يتبعون الأهواء .

والسورة من أمهات السور الجامعة الرائعة ، وقد روى ابن كثير بخاصة وغيره من المفسرين مثل البغوي والطبرسي والخازن والزمخشري أحاديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدد خطورة هذه السورة ونزولها منها عن ابن عبا س قال : ( نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة واحدة حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح ) وعن أسماء بنت يزيد قالت : ( نزلت سورة الأنعام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم جملة واحدة وأنا آخذة بزمام ناقته ، وإن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة ) . وليس شيء من الأحاديث واردا في كتب الصحاح ، بل ولم يرو الطبري الذي كان أقدم وأكثر المفسرين استيعابا للمأثور منها شيئا . ومع ذلك فيتبادر لنا أنها تدل على ما كان من ذكريات خطورة شأن السورة حين نزولها . وفصول السورة منسجمة متلاحقة وهذا يلهم بحد ذاته أن تكون نزلت متتابعة إن لم تكن نزلت دفعة واحدة .

والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآيات [ 20 و22و 91 و 93 و114و 131و 152 و 153 ] مدنيات . وروى البغوي عن ابن عباس أن الآيات [ 91 و 92و 93 و 151 و 152 و 153 ] مدنيات . وسياق هذه الآيات وفحواها وانسجامها مع ما قبلها وبعدها على ما سوف ننبه عليه في مناسباتها يسوغ الشك في هذه الروايات وترجيح مكية الآيات والله أعلم .

بسم الله الرحمن الرحيم

يعدلون : يساوون أو يجعلون لله تعالى معادلين ومساوين وهم شركاؤهم .

/خ1