تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأنفال وهي مدنية كلها

قوله : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول . . . . } الآية .

قال الكلبي : " بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صاف المشركين يوم بدر ، قال -ليحرض الناس على القتال- : إن الله وعدني أن يفتح لي بدرا ، وأن يغنمني عسكرهم ؛ فمن قتل قتيلا ، فله كذا وكذا من غنيمتهم -إن شاء الله . فلما توافدوا أدخل الله في قلوب المشركين الرعب فانهزموا ، فأتبعهم سرعان من الناس ؛ فقتلوا سبعين ، وغنموا العسكر وما فيه ، وأقام وجوه الناس مع رسول الله في مصافه ، فلم يشذ عنه منهم أحد ، ثم قام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري من بني سلمة ، فكلم رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، إنك وعدت من قتل قتيلا أو أسر أسيرا من غنيمة القوم الذي وعدتهم ، وإنا قتلنا سبعين ، وأسرنا سبعين . ثم قام سعد بن معاذ ، فقال : يا رسول الله ، إنه ما منعنا أن نطلب كما طلب هؤلاء زهادة في الأجر ، ولا جبن عن العدو ، ولكنا خفنا أن نعري صفك فتعطف عليك خيل المشركين . فأعرض عنهما رسول الله . ثم قال أبو اليسر مثل كلامه الأول ، وعاد سعد فتكلم مثل كلامه الأول .

وقال : يا رسول الله ، الأسارى والقتلى كثير ، والغنيمة قليلة ، وإن تعط هؤلاء

الذي ذكرت لهم ، لم يبق لسائر أصحابك كبير شيء . فنزلت هذه الآية : { يسألونك عن الأنفال } فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار " {[385]} .

قال قتادة : والأنفال : الغنائم . ومعنى قوله : { لله والرسول } يقول : ذلك كله لله ، وجعل حكمه إلى رسوله .

قال محمد : واحد الأنفال : نفل ، ومنه قول لبيد :

إن تقوى ربنا خير نفل *** وبإذن الله ريثي وعجل{[386]}


[385]:أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/250 – 251) وأبو نعيم في الحلية (8/102 – 103) وعزاه الحافظ السيوطي لعبد بن حميد، وابن مردويه. انظر / الدر المنثور (3/173).
[386]:انظر/ ديوان لبيد (ص 139).