تفسير الأعقم - الأعقم  
{سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (1)

قال الله سبحانه : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد } الآية ، أسري به بعض الليل من مكة الى الشام مسيرة أربعين ليلة ، واختلفوا في المكان الذي به أسري ، فقيل : هو المسجد الحرام بعينه وهو الظاهر ، وقيل : أسري به من دار أم هاني بنت أبي طالب ، والمراد بالمسجد الحرام الحرم لاحاطته بالمسجد وعن ابن عباس : الحرم كله مسجد ، وروي أنه أسري به بعد العشاء ، وروي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " أتاني جبريل وانا بمكة ، وقال : قم يا محمد ، فقمت معه ، وإذا بالبراق فوق الحمار ودون البغل ، خده كخد الانسان ، وذنبه كذنب البعير ، وعرفه كعرف الفرس ، وله جناحان ، خطوه منتهى طرفه فقال : اركب ، فركبت ، ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس ، وإذا ملائكة نزلت من السماء بالبشارة ، وصليت في بيت المقدس ، ثم صعد بي إلى السماء فرأيت عجائباً ، ثم صعد بي جبريل إلى السماء الثانية فرأيت فيها عيسى ابن مريم ، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فرأيت فيها يوسف ، ثم صعد بي إلى الرابعة ، ثم صعد بي إلى السابعة ، فنظرت فيها خلقاً وملائكة ، ورأيت الجنة والنار وما فيها ، ورأيت العرش ، ورأيت سدرة المنتهى ، ثم رجعت إلى مكة ، فلما أصبحت حدثت الناس فكذبني ، أبو جهل والمشركون ، فقال : فأخبرنا عن عيرنا ، فقال : مررت بها في التنعيم يقدمها جمل أورق ، وتطلع عليكم عند طلوع الشمس " وروي أنه ارتد جماعة ممن كان قد أسلم وسألوه عن صفة المسجد فوصفه لهم والتبس شيء فيه فرفع له حتى حكاه ، وجلسوا ينتظرون مطلع الشمس فيكذبوه ، فقال قائل : والله ان الشمس قد طلعت ، وقال آخر : والله ان الإِبل قد طلعت يقدمها بعير أورق لونه مثل لون الرمان ، وجاءتهم وقت طلوع الشمس فلم يؤمنوا إلا أن قالوا : هذا سحر مبين ، واختلفوا هل كان رؤيا أو في اليقظة ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ، قالوا : والوجه إنه لم يكن رؤيا إلا أنه أسري به وهو في اليقظة ، السري والأسرى : الذهاب في الليل ، تعليلاً للوقوف ، وقيل : ليلاً دل على وسط الليل ذكره في الغرائب والعجائب أعني وسط الليل ، وقوله : { الذي باركنا حوله } قيل : الثمار ، وقيل : سمي مباركاً لأنه مقر الأنبياء ، وفيه مهبط الملائكة وفيه يحشر الناس يوم القيامة { لنريه من آياتنا } من عجائب حجتنا التي فيه { إنه هو السميع } لأقوال من صدقك أو كذبك { البصير } بصير بما في الضمائر .