مدنية ، فيها من المنسوخ تسع آيات منها قوله : ) لا تحلوا شعائر اللّه ( نسختها آية السيف
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم حجة الوداع قال : ( يا أيها الناس إن سورة المائدة من آخر القرآن نزولاً فأحلوا حلالها وحرموا حرامها ) وهي إحدى عشر ألفاً وتسعمائة وثلاثة وثلاثون حرفاً ، وألفان وثمانمائة وأربع كلمات ، ومائة وعشرون آية .
عن عبد اللّه بن عمر قال : قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو على راحلة فلم تستطع أن تحمله حتى نزل عنها .
أبو أمامة عن أبي بن كعب قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ( من قرأ سورة المائدة أُعطي من الأجر بعدد كل يهودي ونصراني يتنفس في الدنيا عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ) .
{ يَا أَيُّهَا } يا نداء أي إشارة ، ها تنبيه { الَّذِينَ آمَنُواْ } [ نصب على البدل من : أيّها ] { أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } يعني بالعهود .
قال الزجّاج : العقود أو كل العهود . يقال : عاقدت فلاناً وعاهدت فلاناً ، ومنه ذلك باستيثاق وأصله عقد الشيء بغيره . وهو وصله به كما يعقد الحبل بحبل إذا وصل شّداً قال الحطيئة :
قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم *** شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا
واختلفوا في هذه العقود ما هي ، قال ابن جريح : هذا الخطاب خاص لأهل الكتاب وهم الذين آمنوا بالكتب المقدسة والرسل المتقدمين .
أوفوا بالعهود التي عهد بها بينكم في شأن محمد ، وهو قوله
{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } [ آل عمران : 81 ] . وقوله
{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] وقال الآخرون : فهو عالم .
قال قتادة : أراد به الذي تعاقدوا عليه في الجاهلية دليله قوله
{ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ النساء : 33 ] .
ابن عباس : هي عهود الأيمان و( الفراق ) ، غيره : هي العقود التي عقدها الناس بينهم ، { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ } اختلفوا فيها ، فقال الحسن وقتادة والربيع والضحّاك والسدّي : هي الأنعام كلها وهي إسم للبقر والغنم والإبل ، يدل عليه قوله تعالى
{ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً } [ الأنعام : 142 ] ثم بيّن ما هي ، فقال
{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ } [ الأنعام : 143 ] وأراد بها ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام .
وقال الشعبي : بهيمة الأنعام : الأجنّة التي توجد ميتة في بطن أمهاتها إذا ذُبحت .
وروى عطية العوفي عن ابن عمر في قوله تعالى { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ } قال ما في بطونها ، قلت : إن خرج ميتاً آكله . قال : نعم هي بمنزلة رئتها وكبدها .
وروى قابوس عن أبيه عن ابن عباس أن بقرة نُحرت فوجد في بطنها جنين ، فأخذ ابن عباس بذنب الجنين وقال : هذا من بهيمة الأنعام التي أُحلت لكم .
وقال أبو سعيد الخدري : " سألنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الجنين ، فقال : " ذكاته ذكاة أمّه " .
قال الكلبي : بهيمة الأنعام وحشها ، كالظباء وبقر الوحش مفردين ، وإنما قيل لها بهيمة لأن كل حي لا يمّيز فهو بهيمة ، سمّيت بذلك لأنها أُبهمت عن أن تميّز .
{ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } يقول : عليكم في القرآن [ لأنه حاكم ] وهو قوله { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ } إلى قوله { وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذلِكُمْ فِسْقٌ } وقوله
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } [ الأنعام : 121 ] . { غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } قال الأخفش : هو نصب على الحال يعني أوفوا بالعقود منسكين غير محلي الصيد وفيه [ معنى النهي ] .
وقال الكسائي : هو حال من قوله { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } كما يقول : أُحل لكم الطعام غير معتدين فيه .
معناه أنّه أحلت لكم الأنعام كلها إلاّ ما كان منها وحشياً فإنه صيد ولا يحل لكم إذا كنتم محرمين . فذلك قوله تعالى { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } قرأه العامة بضم أوّله وهي من حرم يحرم حراماً في الحركات وهما جميعاً جمع حرام ، ويقال : رجل حرام وحُرم ومحرِم ، وحلال وحِلّ ومحلّ { إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } [ يحرم ما يريد على من يريد ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.