يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد( 1 )
{ أوفوا } أتموا ، أدوا وافيا . { العقود } ما تعاقدتم وتواثقتم عليه .
{ بهيمة } ما استبهم من الحيوان . { الأنعام } الإبل والبقر والغنم .
{ مُحلى الصيد } مستحلين صيده . { حُرم } محرمون أو على حال الإحرام .
قال أبو ميسرة : المائدة من آخر ما نزل ليس فيها منسوخ ، وفيها ثمان عشرة فريضة ليست في غيرها ؛ وهي : { المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع } ، { وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام } ، { وما علمتم من الجوارح مكلبين } ، { وطعام الذين أوتوا الكتاب } ، { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } وتمام الطهور { وإذا قمتم إلى الصلاة } ، { والسارق والسارقة } ، { . . لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } إلى قوله : { عزيز ذو انتقام } و { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } ؛ وقوله تعالى : { شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت . . } الآية : . . وفريضة تاسعة عشرة وهي قوله جل وعز : { وإذا ناديتم إلى الصلاة } ليس للأذان ذكر في القرآن إلا في هذه السورة ، أما ما جاء في سورة( الجمعة ) فمخصوص بالجمعة ؛ وهو في هذه السورة عام لجميع الصلوات .
{ يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } قال ابن عباس : . . { أوفوا بالعقود } يعني : ما أحل وما حُرم ، وما فُرض وما حُد في القرآن كله ، فلا تغدروا ولا تنكثوا ، ثم شدد ذلك فقال : والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( {[1655]} ) .
قال ابن زيد في قوله : { يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } قال : عقد العهد وعقد اليمين وعقد الحلف وعقد الشركة وعقد النكاح ، قال : هذه العقود خمس ؛ وقال ابن جرير : يأيها الذين آمنوا أقروا بوحدانية الله وأذعنوا له بالعبودية ، وسلموا له الألوهية ، وصدقوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم في نبوته وفيما جاءهم به من عند ربهم من شرائع دينه { أوفوا بالعقود } يعني أوفوا بالعهود التي عاهدتموها ربكم ، والعقود التي عاقدتموها إياه وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقا ، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضا فأتموها بالوفاء والكمال والتمام منكم لله بما ألزمكم بها ، ولمن عاقدتموه منكم أوجبتموه له على أنفسكم ، ولا تنكثوها فتنقضوها بعد توكيدها .
قال الزجاج : أوفوا بعقد الله عليكم ، وبعقدكم بعضكم على بعض ؛ والعقد الذي يجب الوفاء به ما وافق كتاب الله وسنة رسول الله ، فإن خالفهما فهو رد لا يحب الوفاء به ولا يحل ؛ { أحلت لكم بهيمة الأنعام } البهيمة : اسم لكل ذي أربع ، سميت بذلك لإبهامها من جهة نقص نطقها وفهمها وعقلها ؛ والأنعام : اسم( {[1656]} ) للإبل والبقر والغنم ؛ { إلا ما يتلى عليكم } إلا ما يقرأ( {[1657]} ) عليكم تحريمه في القرآن العظيم ، كقول المولى سبحانه : { حرمت عليكم الميتة } وفي السنة كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه : " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " ؛ { أحلت } جعلها الله تعالى حلالا ، وفيه إبطال لافتراء المفترين الذين كانوا يحرمون البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، والذين كانوا يقولون : ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ؛ وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء ؛ وقد أزهق الحق إفكهم ، وأسقط الكتاب العزيز كذبهم ، فقال مولانا سبحانه : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ) ( {[1658]} ) ؟ ! { غير محلي الصيد وأنتم حرم } أي لا محلين الصيد( {[1659]} ) في حالة الإحرام ، وفي الحرم( {[1660]} ) ؛ و { حرم } قيل : مفرد يستوي فيه الواحد والجمع ، كما يقال : قوم جنب ؛ قال الجوهري : رجل حرام أي مُحِْرم ، والجمع : حُرُم ؛ { إن الله يحكم ما يريد } المولى الذي لا رب غيره ولا إله سواه حكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه ، يشرع ما يشاء كما يشاء ، لا معقب لحكمه .
عن قتادة : يُحكِم ما أراد في خلقه ، وبين لعباده ، وفرض فرائضه ، وحد حدوده ، وأمر بطاعته ، ونهى عن معصيته ؛ - فأوفوا أيها المؤمنون بما عقد عليكم من تحليل ما أحل لكم ، وتحريم ما حرم عليكم ، وغير ذلك من عقود ، فلا تنكثوها ولا تنتقضوها-( {[1661]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.