{ وَمَا ظلمناهم } قيل : الضمير للقرى مراداً بها أهلها وقد أريد منها أولاً حقيقتها ، ففي الكلام استخدام ، وقيل : الضمير لأهل القرى لأن هناك مضافاً مقدراً أي ذلك من أنباء أهل القرى ؛ والضمائر منها ما يعود إلى المضاف . ومنها ما يعود إلى المضاف إليه ، ومتى وضح الأمر جاز مثل ذلك .
وقيل : القرى على ظاهرها وإسناد الأنباء إليها مجاز ، وضمير { مِنْهَا } لها وضمير { ظلمناهم } للأهل المفهو منها ، وقيل : { القرى } مجاز عن أهلها ، والضميران راجعان إليها بذلك الاعتبار ، أو يقدر المضاف . والضميران له أيضاً ، وعلى هذا خرج ما حكى عن بعضهم من أن معنى { مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ } [ هود : 100 ] منها باق نسله . ومنها منقطع نسله ، وأياً ما كان ففي الكلام إيذان بإهلاك الأهل فيكون المعنى هنا وما ظلمناهم بإهلاكنا إياهم .
{ ولكن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } حيث اقترفوا بسوء استعدادهم ما يترتب عليه ذلك بمقتضى الحكمة { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ } أي ما نفعتهم ولا دفعت بأس الله تعالى عنهم { التى يَدْعُونَ مِن } أي يعبدونها { مِن دُونِ الله } أوثر صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية أو للدلالة على استمرار عبادتهم لها { مِن شَىْء } أي شيئاً من الإغناء أو شيئاً من الأشياء فما نافية لا استفهامية وإن جوّزه السمين وتعلق عن بما عنده لما فيه من معنى الدفع ، و { مِنْ } الأخيرة صلة ومجرورها مفعول مطلق . أو مفعول به للدفع ، وقوله سبحانه : { لَّمَّا جَاء أَمْرُ رَبّكَ } أي حين مجيء عذابه منصوب بأغنت وهذا على ما في البحر بناءاً على خلاف مذهب سيبويه لأن مذهبه أن { لَّمّاً } حرف وجوب لوجوب .
وقرىء آلهتهم اللاتي و { يَدَّعُونَ } بالبناء للمفعول وهو وصف للآلهة كالتي في المشهورة ، وفيه مطابقة للموصوف ليست في { التى } لكن قيل كما في «جمع الجوامع » للجلال السيوطي إن التي في جمع غير عالم أكثر من اللاتي ، نعم إن الآلهة قد عوملت في الآية معاملة العقلاء لأن عبدتها نزلوها منزلة العقلاء في اعتقادهم فيها أنها تنفع وتضر ، فقيل : { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ } ومن هنا قيل : إن اللاتي في تلك القراءة واقع موقع الآلي أو الذين ، و التتبيب على ما في «البحر » التخسير ، يقال : تب خسر . وتببه خسره .
وذكر الجوهري أن التب الخسران والهلاك . والتتبيب الاهلاك ، وفي القاموس التب . والتبب . والتباب والتتبيب النقص والخسار .
وأخرج ابن جرير . وابن المنذر عن ابن عمر . ومجاهد تفسير ذلك بالتخسير ، وكذا أخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه عنهما إلا أنه استشهد عليه بقول بشر بن أبي خازم
: هم جدعوا الأنواف فأذهبوها *** وهم تركوا بني سعد ( تباباً )
وحينئذ فالمعنى فما زادوهم غير تخسير أو خسارة لنفوسهم حيث استحقوا العذاب الأليم على عبادتهم لها نسأل الله تعالى العفو والعافية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.