مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٖ} (101)

{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم } يعني حول بلدتكم وهي المدينة { مّنَ الأعراب منافقون } وهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار وكانوا نازلين حولها { وَمِنْ أَهْلِ المدينة } عطف على خبر المبتدأ الذي هو { مِمَّنْ حَوْلَكُم } والمبتدأ { منافقون } ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدرت «ومن أهل المدينة قوم » { مَرَدُواْ عَلَى النفاق } أي تمهروا فيه على أن مردوا صفة موصوف محذوف ، وعلى الوجه الأول لا يخلو من أن يكون كلاماً مبتدأ ، أو صفة ل { منافقون } فصل بينها وبينه بمعطوف على خبره ، ودل على مهارتهم فيه بقوله { لاَ تَعْلَمُهُمْ } أي يخفون عليك مع فطنتك وصدق فراستك لفرط تنوقهم في تحامي ما يشككك في أمرهم . ثم قال { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } أي لا يعلمهم إلا الله ولا يطلع على سرهم غيره ، لأنهم يبطنون الكفر في سويداء قلوبهم ويبرزون لك ظاهراً كظاهر المخلصين من المؤمنين { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } هما القتل وعذاب القبر ، أو الفضيحة وعذاب القبر ، أو أخذ الصدقات من أموالهم ونهك أبدانهم { ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ } أي عذاب النار .