التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡيَكۡتُب بَّيۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا يَأۡبَ كَاتِبٌ أَن يَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡيَكۡتُبۡ وَلۡيُمۡلِلِ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا أَوۡ ضَعِيفًا أَوۡ لَا يَسۡتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلۡيُمۡلِلۡ وَلِيُّهُۥ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَٱسۡتَشۡهِدُواْ شَهِيدَيۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ فَإِن لَّمۡ يَكُونَا رَجُلَيۡنِ فَرَجُلٞ وَٱمۡرَأَتَانِ مِمَّن تَرۡضَوۡنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰۚ وَلَا يَأۡبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْۚ وَلَا تَسۡـَٔمُوٓاْ أَن تَكۡتُبُوهُ صَغِيرًا أَوۡ كَبِيرًا إِلَىٰٓ أَجَلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقۡوَمُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَرۡتَابُوٓاْ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةٗ تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا تَبَايَعۡتُمۡۚ وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ وَإِن تَفۡعَلُواْ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (282)

قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين على أجل مسمى فاكتبوه }

قال ابن كثير : فقوله{ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه }هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذ تعاملوا بمعاملات مؤجلة ان يكتبوها ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد فيها وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال{ ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ان لا ترتابوا } .

قال الشيخ الشنقيطي : ظاهر هذه الآية الكريمة ان كتابة الدين واجبة ؛ أن الأمر من الله يدل على الوجوب-ولكنه أشار إلى انه امر إرشاد لا إيجاب بقوله{ وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } ؛ لأن الرهن لا يجب إجماعا وهو بدل من الكتابة عند تعذرها في الآية فلو كانت الكتابة واجبة لكان بدلها واجبا . وصرح بعدم الوجوب بقوله{ فإن امن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته } .

قوله تعالى{ وليكتب بينكم كاتب بالعدل }

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { وليكتب بينكم كاتب بالعدل }اتقى الله كاتب في كتابه ، فلا يدعن منه حقا ، ولا يزيدن فيه باطلا .

قوله تعالى{ ولا يأب كاتب }

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال{ ولا يأب كاتب }قال : واجب على الكاتب ان يكتب .

قوله تعالى{ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى }

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى }علم الله أن ستكون حقوق ، فأخذ من بعضهم لبعض الثقة ، فخذوا بثقة الله ، فإنه أطوع لربكم وأدرك لأموالكم . ولعمري إن كان تقيا لا يزيده الكتاب إلا خيرا ، وإن كان فاجرا فبالحرى ان يؤدي إذا علم ان عليه شهود .

أخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل " ؟ قلن : بلى . قال : " فذلك من نقصان عقلها " .

( الصحيح5/269 ح2658-الشهادات ، ب شهادة النساء وقوله تعالى{ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } ) .

قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير . قالا : حدثنا زيد( وهو ابن حباب ) . حدثني سيف بن سليمان . أخبرني قيس بن سعد عن عمر بن دينار ، عن ابن عباس : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد " .

( الصحيح3/1337 ح1712-ك الأقضية ، ب القضاء باليمين والشاهد ) .

قال الحاكم : أخبرنا أبو عبد الله الصفار ، ثنا احمد بن مهران ، ثنا عبد الله بن موسى ، أبنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في شهادة الصبيان قال : قال الله عز وجل{ ممن ترضون من الشهداء }قال : ليس الصبيان ممن يرضى .

( المستدرك4/99 )وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي .

قال مسلم : وحدثنا يحيى بن يحيى . قال : قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن ابن أبي عمرة الأنصاري ، عن زيد بن خالد الجهني ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بخير الشهداء ! الذي يأتي بشهادته قبل ان يسألها " .

( الصحيح3/1344 ح1719-كتاب الأقضية ، باب بيان خير الشهود ) .

قوله تعالى{ ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يعني من احتيج إليه من المسلمين شهد على شهادة إن كانت عنده ، ولا يحل له ان يأبى إذا ما دعي .

قوله تعالى{ ولا يضار كاتب ولا شهيد }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : والضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني ، إن الله قد أمرك ان لا تأبى إذا دعيت ! فيضاره بذلك ، وهو مكتف بغيره ، فنهاه الله عن ذلك وقال{ وإن تفعلوا فإنه فسوق } .

أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى{ ولا يضار كاتب ولا شهيد }قال : لا يضار كاتب ، فيكتب ما لم يمل عليه ، ولا شهيد ، يقول : فيشهد بما لم يشهد عليه .

قوله تعالى{ فإنه فسوق بكم }

أخرج الطبري وابن ابي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : الفسوق : معصية .