نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ} (41)

ولما أثبت أنه قوله سبحانه وتعالى لأنه {[68162]}قول رسوله{[68163]} صلى الله عليه وسلم لنا{[68164]} وهولا ينطق عن الهوى ، نفى عنه ما يتقولونه عليه ، فبدأ بالشعر وهو ما يقوله الإنسان من تلقاء نفسه على وزن مقصود صدقاً كان أو كذباً ، ولا بد فيه للتقيد بالوزن والقافية من التكلف الذي القرآن بعيد عنه ، وهو مع{[68165]} مشاركته للسجع في التكلف الناقص للمعنى أعلى منه بالوزن الذي يكسبه الرونق والحلاوة فقال : { وما هو } أي هذا{[68166]} الذكر في باطن أمره ولا ظاهره ، وأكد النفي فقال : { بقول{[68167]} شاعر } أي يأتي بكلام مقفى موزون بقصد الوزن ، وإنما قيل أنه ليس بقول من هو كذلك لأنه ، لا يوافق الوزن فيه{[68168]} إلا أماكن نادرة بالنسبة إلى مجموع القرآن ، ومن المقطوع به أن ذلك لا يرضى به شاعر وهو أنه ينصب نفسه منصب النظم والارتهان بعهدة الوزن ، ثم يأتي بكلام أكثره غير موزون ، فعلم قطعاً أن الذي وافق الوزن فيه غير مقصود فليس بشعر .

ولما كانت مخالفة القرآن للشعر خفية من حيث أنه لا يعرف ذلك إلا الشعراء وهم قليل في الناس ، والأغلب لا يعرفون ذلك ، ختم الآية بالإيمان الذي هو التصديق بالغيب فقال تعالى : { قليلاً ما تؤمنون * } أي ما توجدون التصديق الذي هو الإيمان إلا إيجاداً أو زماناً قليلاً ، وذلك لأني قد أخبرتكم بذلك في غير موضع فلم تصدقوا وفيكم شعراء كثير يعرفون معرفة تامة أنه مخالف للشعر ، وقد{[68169]} أخبركم بعضهم بذلك كالوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة وغيرهما{[68170]} ثم لا{[68171]} تتبعون ذلك ثمرته ، وهو الإيمان بالله ورسوله ، وإيمانهم القليل إقرار من أقر من شعرائهم أنه ليس بشعر ، وإخلاصهم بالوحدانية عند الاضطرار وإفرادهم الخالق بالخلق والربوبية ، وهو إيمان لغوي لا شرعي{[68172]} ،


[68162]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68163]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68164]:- سقط من ظ وم.
[68165]:- زيد من ظ وم.
[68166]:- سقط من الأصل.
[68167]:- سقط من الأصل.
[68168]:- زيد من ظ وم.
[68169]:-زيد من ظ وم.
[68170]:- من ظ وم، وفي الأصل: غيرهم.
[68171]:- زيد من ظ وم.
[68172]:- زيد من ظ وم.