ولما كان من يعرف الشعر يعرف النثر فهو أعلى فقدمه ، أتبعه النثر فقال : { ولا بقول كاهن } وهو المنجم الذي يخبر عن أشياء يوهمها لرئي يخبره بذلك ، وأغلبها ليس لها صحة ، وعبارته عن ذلك بالسجع المتكلف المقصود{[68173]} كونه سجعاً الذي يكون المعنى فيه{[68174]} تابعاً للفظ للتحلية بمشاكلة المقاطع .
ولما كانت مباينة القرآن للسجع خفية جداً لما فيه من الفواصل في الأغلب وتركها في البعض فارق لأن الساجعين لا يرضون أن يأتوا بقرينة لا أخت لها ويعدون ذلك وعياً عيباً رديئاً ، وكذا تطويل السجعة عن قرينتها وتضعيفها على عديلتها لا يرضى به ساجع ولو أنه هاجع ، ومباينة النبي صلى الله عليه وسلم للكهنة{[68175]} ظاهرة جداً ، فإن الكاهن من ينصب نفسه للدلال على الضوائع والإخبار بالمغيبات يصدق فيها تارة ويكذب كثيراً ، ويأخذ الجعل على ذلك ، ويقتصر على من يسأله ، فعبر لذلك ب " كاهن " دون " ساجع " أدار أمره على التفكر فقال : { قليلاً ما } وأكد أمر القلة والخفاء بإدغام تاء التفعل فقال تعالى : { تذكرون * } فلذلك يلتبس عليكم الأمر أو على من تلبسون عليه بذلك ، فعلم أن الذي يفرق بينهما موجود فيهم لأنه يرى أن الكتاب تابع للمعنى الصحيح الثابت ، فإن صح غاية الصحة مع وجود القرائن المتوافقة في الروي كان وإلا انتقل عن ذلك إلى قرائن غير متوافقة في روي ولا ما يقاربه ، أو{[68176]} قريبة مفردة مع إمكان جعلها كما قبلها لكن مع نقصان{[68177]} المقصود وطول الكلام ونحو ذلك ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدّع يوماً من الأيام علم الغيب ولا نصب نفسه الشريفة لشيء مما الكهان فيه ولا نقل في ساعة من الدهر عن الجن{[68178]} خبراً ذكر أنه استفاده{[68179]} منهم ولا مدحهم لذلك كما تفعل الكهان ، بل ذم الفاسقين منهم غاية الذم وقال : إن أكثر ما يأتون به الكذب ، ولا سأل جعلاً عما يدعو إليه ولا اقتصر على من يأتيه{[68180]} للسؤال ، بل هو صلى الله عليه وسلم يتبع الناس في مجامعهم{[68181]} يدعوهم إلى الله بإنقاذهم نم الضلال فمباينته {[68182]}للكهان لا يحتاج{[68183]} إلى غير تذكر قليل - كما أشار إليه إدغام تاء التفعل{[68184]} - فثبت أن القول ليس بكهانة{[68185]} ، وقائله والمؤدي له ليس بكاهن ، ونسبة القول إلى المبلغ لكونه مبلغاً واضحة الصحة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.