ولما أعلمهم سبحانه بأنه رد إليهم عهدهم ، وكانوا مختلطين مع أهل الإسلام ، جعل لهم مخلصاً إن آثروا البقاء على الشرك مع إعلامهم بأنه لا خلاص لهم لأنهم{[35552]} في قبضته ، فقال مخاطباً لهم ولكل مشرك مسبباً عن البراءة : { فسيحوا } والسياحة : الاتساع في السير والبعد عن المدن والعمارة مع الإقلال من الطعام ، والشراب ، ولذلك يقال للصائم : سائح : والمراد هنا مطلق السير .
ولما كانت السياحة تطلق على غيره ، حقق المعنى بقوله : { في الأرض } أي في أيّ جهة شئتم { أربعة أشهر } أي من{[35553]} أيام الحج ، فيكون آخرها عاشر شهر ربيع الآخر ، تأمنون{[35554]} فيها مناً لا نعرض لكم بسوء ، بل تذهبون فيها حيث شئتم ، أو ترمون حصونكم وتهيئون سلاحكم وتلمون شعثكم لا نغدركم{[35555]} ، لأن ديننا مبني على المحاسن ، ولولا أن الأمر يتعلق بنفوسنا ما نبذنا عهدكم ولا نقضنا عقدكم ، ولكن الخطر في النفس وقد ظهرت منكم أمارات الغدر ولوائح الشر " وعن أيّ نفس بعد نفسي أقاتل " فإذا نقضت الأربعة الأشهر فتهيؤوا لقتالنا وتدرعوا لنزالنا .
ولما كان الإسلام قد ظهر بعد أن كان خفياً ، وقوي بعد أن كان ضعيفاً ، افتتح وعظهم بالكلمة التي تقال أولاً لمن يراد تقريع سمعه وإيقاظ قلبه وتنبيهه على أن ما بعدها أمر مهم ينبغي مزيد الاعتناء به فقال : { واعلموا أنكم } أي{[35556]} أيها الكفرة وإن كثرتم { غير معجزي الله } لأن علمه محيط بكل شيء فهو قادر على كل ممكن { وأن الله } أي لما له من الإحاطة بالجلال والإكرام { مخزي الكافرين* } أي كلهم منكم ومن غيركم في الدنيا والآخرة لأن قوله قد سبق بذلك ، ولا يبدل القول لديه ، والإخزاء : الإذلال مع إظهار الفضيحة والعار -{[35557]} . وأظهر الوصف موضع الضمير تعميماً وتعليقاً للحكم به ؛ ولعل الالتفات إلى الخطاب إشارة إلى أن من ترك أمر الله حدباً على قريب أو عشير فهو منهم ، وقد برئت منه الذمة ، فلينج بنفسه ولا نجاء له ، أو{[35558]} يكون لا ستعطاف الكفار تلذيذ الخطاب وترهيبهم بزواجر العقاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.