قوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُم فِي الأَرْضِ } أي سرتم ، لأنه يضرب الأرض برجله في سيره كضربه بيده ، ولذلك سُمِّيَ السفر في الأرض ضَرْباً .
{ فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِن الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } اختلف في هذا القصر المشروط بالخوف على قولين :
أحدهما : أنه قَصَرَ أركانها إذا خاف ، مع استيفاء أعدادها فيصلي عند المسايفة والتحام القتال كيف أمكنه قائماً وقاعداً ومومياً ، وهي مثل قوله :
{ فَإِنْ خِفْتُمْ فِرجَالاً أَوْ رُكْبَاناً }{[707]} وهذا قول ابن عباس .
والثاني : أنه قصر أعدادها من{[708]} أربع إلى ما دونها ، وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين ، فإن كان آمناً مقيماً لم يقصر ، وهذا قول سعد{[709]} بن أبي وقاص ، وداود بن علي .
والثاني : أنه قَصْران ، فقصر الأمَنْ ، من الأربع إلى ركعتين ، وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة ، وهذا قول جابر بن عبد الله والحسن . وقد روى مجاهد عن ابن عباس قال : فرض الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة{[710]} .
والثالث : أنه يقصر في سفر خائفاً وآمناً من أربع إلى ركعتين لا غير .
روي عن أبي أيوب عن علي عليه السلام قال : سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل الله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِن الصَّلاَةِ } ثم انقطع الوحي ، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر ، فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلاّ شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهم أُخرى مثلها في أثرها ، فأنزل الله تعالى بين الصلاتين { إِن خِفْتُم أَن يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُم عَدُوّاً مُبِيْناً } إلى قوله : { عَذَاباً مُّهِيناً } فنزلت صلاة الخوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.