الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ} (14)

عَقَّبَ سبحانه بذكر حالة أهل الإيمان وذكر ما وعدهم به فقال : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } [ الحج : 14 ] .

ثم أَخذتِ الآية في توبيخ أولئك الأولين كأنه يقول : هؤلاء العابدون على حرف صحبهم القلق ، وظَنُّوا أَنَّ اللّه تعالى لن ينصرَ محمداً وأتباعه ، ونحن إنَّما أمرناهم بالصبر وانتظارِ وعدنا ، فَمَنْ ظَنَّ غير ذلك .

{ فليمدد بسبب } [ الحج : 15 ] وهو الحبل وليختنق هل يذهب بذلك غيظه ، قال هذا المعنى قتادة ، وهذا على جهة المَثَلِ السائر في قولهم : «دُونَكَ الحَبْلُ فَاخْتَنِقْ » ، و{ السماء } على هذا القول : الهواء عُلُوّاً ، فكأَنه أراد سقفاً أو شجرة ، ولفظ البخاري : وقال ابن عباس : «بسبب إلى سَقْفِ البيتِ » ، انتهى .

والجمهورُ على أنَّ القطع هنا هو الاختناق ، قال الخليل ، وقطع الرجل : إذا اختنق بحبل ونحوه ، ثم ذكر الآية ، ويحتمل المعنى مَنْ ظَنَّ أَنَّ محمداً لا ينصر فليمت كمداً ؛ هو منصور لا محالَة ، فليختنق هذا الظانُّ غيظاً وكمداً ، ويؤيد هذا : أَنَّ الطبري والنقاش قالا : ويُقال : نزلت في نفر من بني أَسَدٍ وغَطَفَانَ ، قالوا : نخاف أَلاَّ يُنصرَ محمد ؛ فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من يهودٍ من المنافع ، والمعنى الأَوَّلُ الذي قيل للعابدين على حرف ليس بهذا ولكنه بمعنى : مَنْ قلق واستبطأ النصر