وقوله سبحانَهُ : { وَقَضَيْنَا إلى بَني إسرائيل } [ الإسراء : 4 ] .
قالتْ فرقة : { قَضَيْنَا } معناه : في أم الكتاب .
قال ( ع ) : وإنما يُلْبِسُ في هذا المكان تعديةُ { قَضَيْنَا } ب«إلى » ، وتلخيصُ المعنى عندي : أنَّ هذا الأمر هو مما قضاه اللَّه عزَّ وجلَّ في أمِّ الكتاب على بني إسرائيل ، وألزمهم إياه ، ثم أخبرهم به في التَّوْرَاة على لسان موسى ، فلما أراد هنا الإعلام لنا بالأمريْنِ جميعاً في إيجازٍ ، جعل { قَضَيْنَا } دالَّة على النفوذ في أم الكتاب ، وقَرَن بها «إِلى » دالَّةً على إنزال الخير بذلك إلى بني إسرائيل ، والمعنى المقصودُ مفهومٌ خلالَ هذه الألفاظ ، ولهذا فسر ابنُ عباس مرةً بأنْ قال : { قَضَيْنَا إلى بَنِي إسرائيل } ، معناه : أعلمناهم ، وقال مرَّةً : «قضينا عليهم » ، و{ الكتاب } هنا التوراةُ لأن القَسَم في قوله : { لَتُفْسِدُنَّ } غير متوجِّه مع أنْ نجعل { الكتاب } هو اللوح المحفوظ .
وقال ( ص ) : و{ قَضَيْنَا } : مضمَّنٌ معنى «أوْحَيْنَا » ولذلك تعدَّى ب«إلى » ، وأصله أنْ يتعدَّى بنفسه إِلى مفعولٍ واحدٍ كقوله سبحانه : { فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل } [ القصص : 29 ] انتهى ، وهو حسنٌ موافق لكلام ( ع ) ، وقوله «ولتعلُنَّ » [ الإسراء : 4 ] أي : لتتجبَّرُنَّ ، وتطلبون في الأرض العُلوَّ ، ومقتضى الآيات أن اللَّه سبحانه أعْلَمَ بني إسرائيل في التوراة ، أنه سيقع منهم عصيانٌ وكفرٌ لِنِعمِ اللَّه ، وأنه سيرسل عليهم أمةً تغلبهم وتذلُّهم ، ثم يرحمهم بعد ذلك ، ويجعل لهم الكَرَّة ويردُّهم إلى حالهم من الظهور ، ثم تقع منهم أيضاً تلك المعاصِي والقبائِحَ ، فيبعث اللَّه تعالى عليهم أمةً أخرى تخرِّب ديارهم ، وتقتلُهم ، وتجليهم جلاءً ، مبرِّحاً ، وأعطى الوجودَ بعد ذلك هذا الأمْرَ كلَّه ، قيل : كان بين المرتَيْنِ مِائَتَا سنةٍ ، وعَشْرُ سنينَ مُلْكاً مؤيَّداً بأنبياء ، وقيل : سبعون سنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.