الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيۡهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا} (42)

وقوله سبحانه : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [ الكهف : 42 ] .

هذا خبر من اللَّه عزَّ وجل عن إِحاطة العذابِ بحالِ هذا المُمَثَّل به ، و { يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } : يريد يضَعُ بطْن إِحداهما على ظهر الأخرى ، وذلك فعل المتلهِّف المتأسِّف .

وقوله : { خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا } يريد أن السقوف وَقَعَتْ ، وهي العروش ، ثم تهدَّمت الحيطانُ عليها ، فهي خاوية والحيطان على العُرُوشِ .

( ت ) : فسرَّ ( ع ) رحمه اللَّه لفظ { خَاوِيَة } في «سورة الحَجِّ والنَّمْل » ب«خالية » ، والأحسن أن تفسَّر هنا وفي الحجِّ ب«ساقطة » ، وأما التي في «النْمل » ، فيتَّجه أن تفسَّر ب«خالية » وب«ساقطة » ، قال الزبيدِيُّ في «مختصر العَيْن » خَوَتِ الدَّارُ : باد أهلها ، وخَوتْ : تهدَّمت انتهى . وقال الْجَوْهَرِيُّ في كتابه المسمَّى ب«تاج اللُّغِة وصِحَاحِ العَرَبِيَّةِ » خَوَتِ النجومُ خَيًّا : أمحَلَتْ ، وذلك إِذا سقطَتْ ولم تُمْطِرْ في نَوْئِهَا ، وأَخْوَتْ مثله ، وخَوَتِ الدارُ خُوَاءً ممدوداً : أقْوَتْ وكذلك إِذا سقطَتْ ، ومنه قوله تعالى : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا } [ النمل : 52 ] أي : خاليةً ، ويقال : ساقطة كما قال : { فَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا } [ الحج : 45 ] أي ساقطة على سقوفها ، انتهى .

وهو تفسيرٌ بارعٌ ، وبه أقولُ ، وقد تقدَّم إِيضاحُ هذا المعنى في «سورة البقرة » .

وقوله : { يا ليتني لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا } قال بعض المفسِّرين : هي حكايةٌ عن مقالة هذا الكافِرِ في الآخرة ، ويحتملُ أن يكون قالها في الدنيا على جهة التوبة بعد حلولِ المُصيبة ، ويكون فيها زَجْرٌ لكَفَرة قريشٍ وغيرهم ،