التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (286)

قوله تعالى{ لله ما في السموات و ما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير . آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . لا نكلف نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطانا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين }

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : فإنها لم تنسخ ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة ، يقول الله عز وجل إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي . فأما المؤمنين فيغفر لهم ما حدثوا به انفسهم ، وهو قوله{ يحاسبكم به الله }يقول : يخبركم ، وأما اهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوه في انفسهم من التكذيب وهو قوله{ فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء }وهو قوله{ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم }البقرة225 . أي من الشك والنفاق .

أخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير }قال : فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم ركبوا على الركب . فقالوا : أي رسول الله ! كلفنا من العمال ما نطيق . الصلاة والصيام والجهاد والصدقة . وقد أنزلت عليك هذه الآية . ولا نطيقها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتريدون ان تقولوا كما قال اهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " قالوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم . فأنزل الله في إثرها : { آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير }فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى . فأنزل الله عز وجل : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا } ( قال : نعم ){ ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }( قال : نعم ){ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }( قال : نعم ){ واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين }( قال : نعم ) .

( صحيح مسلم1/115-116-ك الإيمان ، ب بيان انه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق ) .

أخرج البخاري بسنده عن مروان الأصفر عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال أحسبه ابن عمر-{ إن تبدوا ما في أنفسكم او تخفوه }قال : نسختها الآية التي بعدها .

( الصحيح ح 4546-ك التفسير- ب{ آمن الرسول بما انزل إليه من ربه } ، وب{ وإن تبدوا ما في أنفسكم ح45 ) .

أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة يرفعه قال : " إن الله تجاوز عن لأمتي عما وسوست-أو حدثت- به أنفسها ، ما لم تعمل به او تكلم " .

( صحيح البخاري11/549 ح6664-ك الأيمان والنذور ، ب إذا حنث ناسيا في الأيمان ) ، ( وصحيح مسلم-ك الأيمان ، ب تجاوز الله عن حديث النفس رقم 201 ) .

أخرج البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت عندي امرأة من بني أسد ، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " مه ، عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا " .

( الصحيح 3/36 ح1151-ك التشهد ، ب ما يكره من التشديد به في العبادة ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هم المؤمنون ، وسع الله عليهم امر دينهم ، فقال الله جل ثناؤه{ وما جعل عليكم في الدين من حرج } ، وقال{ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقال{ فاتقوا الله ما استطعتم } .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت }أي : من خير{ وعليها ما اكتسبت }أي : من شر-أو قال من سوء .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : إصرا : عهدا .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قال : { لا تحمل علينا إصرا }قال : لا تحمل علينا عهدا وميثاقا{ كما حملته على الذين من قبلنا }يقول : كما غلظ على الذين من قبلنا .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال : { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }تشديد يشدد به ، كما شدد على ما كان قبلكم .