قوله : { وابتلوا اليتامى . . . } [ النساء :6 ] .
الابتلاءُ : الاختبارُ ، و{ بَلَغُواْ النّكَاحَ } معناه : بَلَغُوا مَبْلَغَ الرجَالِ بِحُلُمٍ ، أوْ حَيْضٍ ، أوْ غَيْرِ ذلك ، ومعناه : جَرِّبوا عقولهم ، وقَرَائِحهم وتصرُّفهم ، و{ آنَسْتُمْ } معناه : عَلِمْتُمْ ، وشَعَرْتُمْ وخَبَرْتُمْ ، ومالكٌ ( رحمه اللَّه ) يرَى الشَّرْطَيْن : البُلُوغَ والرُّشد المختَبَرَ ، وحينئذٍ يدفع المال .
قال ( ع ) : والبلوغُ لم تَسُقْهُ الآيةُ سِيَاقَ الشَّرْط ، ولكنَّها حالةُ الغالِبِ على بني آدم ، إنْ تَلْتَئِمَ عقولُهم فيها ، فهو الوقْتُ الذي لا يُعْتَبَرُ شَرْط الرُّشْد إلاَّ فيه ، فقال : إذا بلغ ذلك الوقْتَ ، فلينظُرْ إلى الشرط ، وهو الرُّشْد حينئذٍ ، وفصاحةُ الكلامِ تدُلُّ على ذلك ، لأنَّ التوقيتَ بالبلوغِ جاء بإذَا ، والمشروطُ جاء بإنْ ، التي هي قاعدةُ حروفِ الشرطِ ، «وإذا » ليستْ بحَرْفِ شرطٍ إلاَّ في ضرورة الشِّعْر ، قال ابنُ عَبَّاس : الرُّشْد في العقلِ ، وتدبيرِ المَالِ لا غَيْرُ ، وهو قولُ ابنِ القَاسِمِ في مَذْهَبنا .
وقال الحَسَنُ ، وقَتَادة : الرُّشْد في العَقْلِ ، والدينِ ، وهو روايةٌ أيضًا عن مالك .
وقوله تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ } : نهي منه سبحانَه للأوصياء عَنْ أَكْل أموالِ اليتامى بغَيْر الواجبِ المُبَاح لهم ، والإسْرَافُ : الإفراط في الفعْل ، والسَّرَف : الخَطَأُ في مواضع الإنفاق ، ( وبِدَاراً ) معناه : مُبَادَرَةً كِبَرِّهم ، أيْ أنَّ الوصِيَّ يستغنمُ مالَ مَحْجُورِهِ ، و( أَنْ يَكْبَرُوا ) : نَصْبٌ ببِدَار ، ويجوز أنْ يكونَ التقديرُ مخافةَ أنْ يَكْبَرُوا .
وقوله تعالى : { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ } ، يقال : عَفَّ الرجُلُ عَنِ الشَّيْء ، واستعف ، إذا أَمْسَكَ ، فَأُمِرَ الغنيُّ بالإمساك عَنْ مالِ اليتيمِ ، وأبَاحَ اللَّه للوصيِّ الفقيرِ أنْ يأكُلَ مِنْ مالِ يتيمه بالمَعْروف .
واختلف العلماءُ في حَدِّ { المعروف } ، فقال ابنُ عَبَّاس ، وغيره : إنما يأكل الوصيُّ بالمعروف ، إذا شَرِبَ مِنَ اللَّبَنَ ، وأَكَلَ مِنَ التَّمْر بما يهنأ الجَرْبَاء ، ويلطُّ الحَوْض ، ويُجِدُّ التمْر ، وما أشبهه ، قُلْتُ : يقال للقَطِرَانِ : الهَناء ، في لغة العرب ، كذا رأيته مَنْصُوصاً عليه .
وقوله تعالى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أموالهم فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ } : أمْرٌ من اللَّه تعالى بالتحرُّز والحَزْم ، وهذا هو الأَصْل في الإشهاد في المَدْفُوعات كلِّها ، إذا كان حَبَسَهَا أوَّلاً معروفاً .
قال ( ع ) : والأظهر أنَّ { حَسِيباً } هنا معناه : حَاسِباً أعمالكم ، ومجازياً بها ، ففِي هذا وعيدٌ لكلِّ جاحدِ حَقٍّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.