السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ وَعَلَيۡنَا ٱلۡحِسَابُ} (40)

ولما كان من مقترحاتهم وطلباتهم استهزاء استعجال السيئة مما توعدوا به وكانت النفس ربما تمنت وقوع ذلك البعض وإثباته ليؤمن به غيره تقريباً لفصل النزاع قال تعالى : { وإما نرينك } يا محمد وأكده بتأكيد للإعلام بأنه لا حرج عليه في ضلال من ضل بعد إبلاغه { بعض الذي نعدهم } ، أي : من العذاب وأنت حيّ مما تريد ، أو يريد أصحابك قبل وفاتك فذلك شافيك من أعدائك ، والوعد الخبر عن خير مضمون ، والوعيد الخبر عن شر مضمون والمعنى عليه وسماه وعداً لتنزيلهم إياه في طلب نزوله منزلة الوعد { أو نتوفينك } ، أي : قبل أن نرينك ذلك فلا لوم عليك ولا عتب { فإنما عليك البلاغ } ، أي : ليس عليك إلا تبليغ الرسالة إليهم ، وليس عليك أن تجازيهم ولا أن تأتيهم بالمقترحات ، والبلاغ ، اسم أقيم مقام التبليغ ، وأمّا فيه إدغام نون أن الشرطية في ما الزائدة . { وعلينا الحساب } ، أي : علينا أن نحاسبهم يوم القيامة فنجازيهم بأعمالهم ، فلا تحتفل بإعراضهم ولا تستعجل بعذابهم .

تنبيه : قال أبو حيان : هنا شرطان ؛ لأنّ المعطوف على الشرط شرط ، فيقدّر لكل شرط ، ما يناسب أن يكون جزاء مرتباً عليه والتقدير : وإمّا نرينك بعض الذي نعدهم ، فذلك شافيك من أعدائك ، وإمّا نتوفينك قبل حلوله بهم فلا لوم عليك ولا عتب ، وقد مرّت الإشارة إلى ذلك .