الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوۡ أَكۡنَنتُمۡ فِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ سَتَذۡكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّآ أَن تَقُولُواْ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗاۚ وَلَا تَعۡزِمُواْ عُقۡدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡكِتَٰبُ أَجَلَهُۥۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (235)

وقوله تعالى : { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النساء . . . } [ البقرة :235 ] .

تصريحُ خطبةِ المعتدَّة حرامٌ ، والتعريضُ جائزٌ ، وهو الكلام الذي لا تصريحَ فيه ، { أَوْ أَكْنَنتُمْ } : معناه : سترتم ، وأخفيتم .

وقوله تعالى : { سَتَذْكُرُونَهُنَّ }[ البقرة :235 ] .

قال الحَسَن : معناه ستخطُبُونَهُنَّ ، وقال غيره : معناه علم اللَّه أنكم ستذكُرونَ النِّسَاء المعتدَّاتِ في نفوسكم ، وبألسنتكُمْ ، فنهى عن أنْ يوصل إِلى التواعُدِ معَهُنَّ .

( ع ) والسرُّ في اللغة : يقع على الوَطْء حلالِهِ وحرامِهِ ، والآية تعطي النهْيَ عن أنْ يواعد الرجُلُ المعتدَّةَ ، أن يطأها بعد العدَّة بوجْه التزويجِ ، وقال ابن جُبَيْر : { سِرًّا } ، أيْ : نكاحاً ، وهذه عبارة مخلصة .

وأجمعتِ الأمة على كراهةِ المواعَدَةِ في العدَّةِ .

وقوله تعالى : { إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا }[ البقرة :235 ] .

استثناءٌ منقطعٌ ، والقولُ المعروف هو ما أبيح من التعريض ، كقول الرجُل : إِنَّكم لأَكْفَاءٌ كِرَامٌ ، وما قُدِّرَ كَانَ ، ونحو هذا .

وقوله تعالى : { وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النكاح حتى يَبْلُغَ الكتاب أَجَلَهُ }[ البقرة :235 ] .

عزمُ العقدةِ : عَقْدها بالإِشهاد ، والوليِّ ، وحينئذ : تسمى عُقْدة .

( ت ) والظاهر أن العَزْم غَيْرُ العقد ، وقوله تعالى : { حتى يَبْلُغَ الكتاب أَجَلَهُ } يريد تمام العدَّة ، و{ الكتاب } هنا هو الحدُّ الذي جُعِل ، والقَدْر الذي رُسِمَ من المدَّة ، وقوله : { واعلموا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فاحذروه . . . } الآية : تحذيرٌ من الوقوع فيما نهى عْنه ، وتوقيفٌ على غَفْره وحِلْمه .