بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (4)

قوله تعالى : { والذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } يعني بالقرآن قوله : { وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } يعني التوراة والإنجيل وسائر الكتب ، ويقال : لما نزلت هذه الآية { الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب } قالت اليهود والنصارى : نحن آمنا بالغيب ؛ فلما قال : { وَيُقِيمُونَ الصلاة } قالوا : نحن نقيم الصلاة ؛ فلما قال : { وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ } قالوا : نحن ننفق ونتصدق . فلما قال : { والذين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } نفروا من ذلك .

وقوله : { وبالأخرة هُمْ يُوقِنُونَ } أي يقرُّون يوم القيامة ، والجنة والنار ، والبعث ، والحساب ، والميزان . واليقين على ثلاثة أوجه : يقين عيان ، ويقين خبر ، ويقين دلالة . فأما يقين العيان : إذا رأى شيئاً ، زال عنه الشك في ذلك الشيء ، وأما يقين الدلالة : هو أن يرى دخاناً يرتفع من موضع ، يعلم باليقين أن هناك ناراً وإن لم يرها ؛ وأما يقين الخبر : فإن الرجل يعلم باليقين أن في الدنيا مدينة يقال لها بغداد ، وإن لم يكن يعاينها . فهاهنا يقين خبر ، ويقين دلالة ، أن الآخرة حق ولكن تصير معاينة عند الرؤية .